يصادف يوم 29/11/2013 الذكرى الـسادسه والستين لقرار الأمم المتحدة رقم 181 الصادر في التاسع والعشرين من نوفمبر (تشرين ثاني) لعام 1947م، والذي أوصى بتقسيم فلسطين إلى دولة ذات حكومة عربية وأخرى يهودية. وصادقت الجمعية العامّة للأمم المتحدة على قرار التقسيم بتأييد 33 دولة ومعارضة 13.
يهدف هذا القرار إعطاء مشروعية قانونية لوعد بلفور المشؤوم، والذي يعتبر البوابة الكبرى للنكبة، إضافة لفرض تقسيمات جغرافية سياسية استكمالاً للدور الخطير لاتفاقية "سايكس بيكو"، التي قُسم بموجبها العالم العربي إلى دويلات عربية، واختارت من فلسطين مكاناً خصباً لزرع هذا المشروع العسكري الصهيوني في الأرض المقدسة.
وعلى مدار 66 عاماً، تحاول القوى الاستعمارية الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، خلق مشروعية قانونية لهذا الكيان الغاصب المسمى "إسرائيل"، والتي عززت من وجودها ككيان عنصري، لا إنساني وغريب عن هذه المنطقة، من خلال جرائمها المتكررة ضد الشعب الفلسطيني وضد الشعوب العربية في المنطقة.
خلفية تاريخية:
تبادرت فكرة تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية مع تحديد منطقة دولية حول القدس في تقرير لجنة بيل عام 1937 وتقرير لجنة وودهد عام 1938، وصدر هذان التقريران عن لجنتين عينتهما الحكومة البريطانية لبحث قضية فلسطين إثر الثورة الفلسطينية الكبرى التي دارت بين السنوات 1936 و1939.
وبعد الحرب العالمية الثانية طالبت الأمم المتحدة إعادة النظر في صكوك الانتداب التي منحتها عصبة الأمم للإمبراطويات الأوروبية، واعتبرت حالة الانتداب البريطاني على فلسطين من أكثر القضايا تعقيدا وأهمية، حيث أُعلن عن إنشاء لجنة UNSCOP المتألّفة من دول متعدّدة باستثناء الدّول دائمة العضوية لضمان الحياد في عملية إيجاد حلّ للنزاع. وقامت اللجنة الوليدة بطرح مشروعين، تمثّل المشروع الأول في إقامة دولتين مستقلّتين، وتُدار مدينة القدس من قِبل إدارة دولية. وتمثّل المشروع الثاني في تأسيس فيدرالية تضم كلا من الدولتين اليهودية والعربية. واختار أفراد لجنة UNSCOP، بالاجماع، المشروع الأول والرامي لتأسيس دولتين مستقلّتين بإطار اقتصادي موحد. وقامت هيئة الأمم بقبول مشروع لجنة UNSCOP الدّاعي للتقسيم مع إجراء بعض التعديلات على الحدود المشتركة بين الدولتين، العربية واليهودية، على أن يسري قرار التقسيم في نفس اليوم الذي تنسحب فيه قوات الانتداب البريطاني من فلسطين.
أعطى قرار التقسيم 55% من أرض فلسطين للدولة اليهودية، وشملت حصّة اليهود من أرض فلسطين على وسط الشريط البحري (من إسدود إلى حيفا تقريبا، ما عدا مدينة يافا) وأغلبية مساحة صحراء النّقب (ما عدا مدينة بئر السبع وشريط على الحدود المصرية). واستند مشروع تقسيم الأرض الفلسطينية على أماكن تواجد التّكتّلات اليهودية بحيث تبقى تلك التكتّلات داخل حدود الدولة اليهودية.
بريطانيا والهروب من المسؤولية:
كان قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1947 البوّابة الكبرى للنكبة. وكانت بريطانيا، بالطبع، هي من ألقى بالقضية الفلسطينية في حضن الأمم المتحدة للهروب من النتائج الكارثية لسياسة الوطن القومي اليهودي المتعجرفة التي أطلقتها قبل ثلاثة عقود "وعد بلفور عام 1917".
لقد أخرج قرار التقسيم بريطانيا من الهوّة السوداء التي وضعت نفسها بنفسها فيها، فبريطانيا هي التي تركت لليهود كامل الحرية في تاسيس الجماعات الصهيونية مما ساهم بشكل اساسي في ايجاد قاعدة صلبة لهذه العصابات الصهيونية حتى كثر عددهم وعدتهم وازداد معه ارهابهم للشعب الفلسطيني وتشريدهم له.
لقد قضى القرار 181، ظاهريا، بإيجاد دولتين (عربية ويهودية)، لكنه في الحقيقة اعفى بريطانيا من المسؤولية الاخلاقية تجاه الضحية الرئيسية لسياستها، اي الشعب الفلسطيني.
ويعد قرار التقسيم واحد من الأساطير التأسيسية للكيان الصهيوني في الغرب بزعم أنه كان منصفاً وعملياً وأخلاقياً وقانونياً، وأن اليهود قبلوه بينما رفضه الفلسطينيون والعرب. لكن الفلسطينيين والعرب رفضوه لأنه يقيناً لم يكن منصفاً، ولا عملياً، ولا أخلاقياً، ولا قانونياً، بل ان قانون الغاب "القرار للاقوى" كان لبّ مفهوم قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة وآليات تطبيقه المزمعة.
ردود الفعل:
تنامت الضغوط السياسية على هيئة الأمم المتحدة لقبول خطة التقسيم، واستحسن معظم اليهود مشروع القرار وبخاصّة الوكالة اليهودية، إلا أن المتشددين اليهود من أمثال مناحيم بيغن رئيس منظمة الإرجون الصهيونية، وعضو عصابة الشتيرن، اسحاق شامير رفضوا هذا المشروع. وتشير سجلّات الأمم المتحدة إلى ابتهاج اليهود الذين حضروا جلسة الأمم المتحدة بقرار التقسيم. وإلى هذا اليوم تشيد كتب التاريخ الصهيونية بأهمية الـ 29 من تشرين الثاني 1947.
رفضت الزعامات العربية في فلسطين ، خطة التقسيم ووصفتها بالمجحفة في حق الأكثرية العربية التي تمثّل 67% مقابل 33% من اليهود. فقد أعطى الاقتراح 56.5% من فلسطين لليهود الذين كانوا يملكون 7% فقط من ارض فلسطين:
وكان رفض العرب لخطة التقسيم بسبب الخوف من المستقبل، إذ خشي العرب أن تكون خطة التقسيم نقطة البداية لاستيلاء اليهود على المزيد من الأراضي العربية. ولم تأت مخاوف العرب من فراغ فقد أعلن بن غوريون في حزيران 1938، في كلامه أمام قيادة الوكالة اليهودية بشأن اقتراح آخر لتقسيم فلسطين، حيث أعلن عن نيّته في إزالة التقسيم العربي-اليهودي والاستيلاء على كلّ فلسطين بعد أن تقوى شوكة اليهود بتأسيس وطن لهم.
اجتمعت الجامعة العربية الناشئة حينها وأخذت بعض القرارات كان أهمها:
إصدار مذكرات شديدة اللهجة لأميركا وانجلترا.
إقامة معسكر لتدريب المتطوعين في قطنة بالقرب من دمشق بسوريا لتدريب الفلسطينيين على القتال.
تكوين جيش عربي أطلق عليه جيش الإنقاذ وجعلوا عليه فوزي القوقجي.
رصد مليون جنيه لأغراض الدفاع عن فلسطين.
صور معبرة لأبعاد القرار:
تعاقبت الأحداث بعد قرار التقسيم 181، وتوسّع الكيان الصهيوني على الأراضي التي استولى عليها في نزاعاتها مع جيرانها . وحتى الان يستولي الكيان الصهيوني على قسم من الأراضي العربية بمقتضى قرار التقسيم وتسيطر سيطرة تامّة على القسم الباقي.
إن فلسطين من بحرها إلى نهرها وحدة واحدة لا تقبل التجزئة ولا التقسيم، وهي جزء لا يتجزأ من الوطن العربي، والأمة الإسلامية ولا حق لليهود الصهاينة فيها او في شبر من ترابها، ورغم اختلال موازين القوى بيننا وبين اعدائنا الا اننا مصرون على البقاء في ارضنا والعودة لارض آبائنا واجدادنا.
المصدر وطنا للاخبار + لجنة شبكة فلسطين للحوار
سلطان العرب
ليست هناك تعليقات: